سلسلة القرى الفلسطينية المهجرة/ قرية فرعم (الحلقة 6)/ د.مصطفى كبها

-

سلسلة القرى الفلسطينية المهجرة/ قرية فرعم (الحلقة 6)/ د.مصطفى كبها

بعد زيارتنا لمغار الخيط والقباعة، توجهنا صوب قرية فرعم، حيث استدرنا من مغار الخيط قليلاً نحو الجنوب، ومن الحافة الجنوبية الشرقية لجبل كنعان، صعدنا نحو ثلاث كيلومترات بين الأشجار الحرجية، لنصل قرية فرعم، مروراً بالمحاجر التي كان البريطانيون قد أقاموها في فترة الانتداب في الطرف الجنوبي الشرقي للقرية.

لم يبق لمباني القرية أي أثر سوى أكوام من حجارة تناثرت على رأس ربوة مشرفة على أرض الخيط وبقايا بساتين الفاكهة التي أخذ منها الإهمال كل مأخذ. أما الأشجار التي أظهرت جلداً وصموداً مثيراً للانتباه، فقد كانت أشجار الزيتون، التي بقيت على ترتيبها الذي تركت عليه، وشجيرات الصبر التي أحاطت بالقرية من ثلاث جهات.

ولم تفلح شجيرات الصبر هذه رغم صمودها الأسطوري أمام عاديات الزمن أن تمنع بقر المستوطنة المجاورة من أن يسرح ويمرح على ما تبقى من مقبرة القرية.

تبعت القرية في الماضي لواء صفد الانتدابي، كان يربطها مع العالم الخارجي طريق سيارات يمر عبر الجاعونة.

بلغت مساحة أراضيها 8000 دونم، 2000 منها أرض استعملت للرعي و80 دونماً سجلت وقفاً للمسجد، أما الباقي فكانت ارضاً مفروزة للملك الشخصي.

وقد كان لحسن الديب من مدينة صفد ثلاث حصص ونصف (من أصل 24 حصة ) من أراضي القرية، نهج على تأجيرها للفلاحين على طريقة المزارعة على الربع ( يحصل الفلاح المستأجر على 25 % من المحصول وذلك لقاء زراعة المحاصيل والاعتناء بها وجنيها ).

بلغ عدد سكان قرية فرعم،عشية النكبة ، قرابة 900 نسمة توزعوا على أربع عائلات رئيسية : عودة، عثمان، كسّاب والعرايشة.

من الناحية السياسية، كانت ميول معظم سكان القرية مجلسية وكانوا على علاقة وثيقة مع صبحي بك الخضرا، الزعيم الصفدي المعروف، ورجل حزب الاستقلال.

في العقد الأخير من عهد الانتداب، كان مختار القرية الشيخ محمد يونس حسن من عائلة العرايشة، في حين تم إنشاء لجنة محلية في منتصف الأربعينيات كانت مكونة من المختار نفسه وعضوية كل من الحاج سليم عثمان، محمد كسّاب وعلي الشيخ عودة، انيط بها تسيير الأمور العامة خاصة مشروع جمعية زراعية تعاونية لم يكمل بسبب ظروف الحرب والنكبة.

اعتاش سكان القرية أساساً من الزراعة وتربية المواشي، حيث بلغ المعدل السنوي لانتاج زيت الزيتون 600 جرة زيت، في حين بلغ انتاج التين (الطازج والمجفف ) 35 قنطاراً، والعنب 25 قنطاراً، هذا فضلاً عن بساتين فواكه أخرى أنتجت ستة قناطير من الفاكهة.علماً بأن فلاحي القرية زرعوا مساحات شاسعة من الأراضي بالغلال والتبغ.

أما بالنسبة للثروة الحيوانية فقد امتلك سكان القرية حوالي 800 رأس من الضأن و-200 رأس من البقر، 70 حصاناً، 50 حماراً و-1800 دجاجة.

كان في القرية مضافة عامة واحدة ( منزول ) تقاسم جميع السكان مصاريفها الجارية، في حين كان للمختار وباقي أعضاء اللجنة المحلية مضافات خاصة صرفوا عليها من مالهم الخاص.

بالنسبة لوضع التربية والتعليم، كان في القرية مدرسة واحدة درس فيها 40 طالباً تعلموا جميعاً عند مدرس واحد هو صالح الشيخ عيسى عرايشة، وفي السنوات الأخيرة من فترة الانتداب إنضم إليه محمد علي عودة للتدريس في مدرسة القرية.

إشترى السكان حاجياتهم الأساسية من حانوت كبير كان يملكه المختار وحانوتين صغيرين آخرين، في حين قضى السكان خدماتهم في مدينة صفد.

أما بالنسبة للمباني الدينية فقد كان في القرية مسجد واحد، كان الإمام فيه الحاج سليمان العودة الذي تلقى مبادئ القراءة والكتابة وأساسيات العلوم الدينية في مدارس صفد وحيفا.

لم تكن القرية من القرى النشيطة في ثورة 1936 -1939 واكتفى سكانها بمساندة الثورة بالمال وبتضييف الثوار ولم ينضم من أبنائها للثورة،بشكل فعلي، إلا أربعة أشخاص هم : قاسم أبو دية، محمد صالح لطّوف، عوض عثمان وحسن علي عودة.


وللجولات بقية.....

التعليقات